الخميس، 2 يناير 2014

لمْعَلْمِينْ... ماذا يريدون ؟!

على مر العقود الماضية عانت فئة لمعلمين غبناً وتهميشاً ممنهجاً تواصت به أجيال تتوارثه كابرا عن كابر في صمت مريب من بعض الأئمة وشيوخ المحاظر والعلماء، وظل القوم يقاسون إقصاء معنويا استمر لعقود رامَ القضاء على طموحهم بنسج خرافات تقال في حقهم كبحا لتطلعاتهم المشروعة، وتقوّلاً على الدين، وإمعاناً في إهانتهم، وتحطيماً لمعنوياتهم، ووأداً لهم في المهد. أُشفِع ذلك بتناسٍ هو الآخر لا يعدو كونه وفاء لسنة تهميش اتفق عليها كل من تعاقب على إدارة شؤون دولة السائبة هذه، بحيث حرمت كفاءاتهم العالية من الإسهام في تسيير شؤون البلد العامة في مراكز القرار.
ونتيجة للوعي الذي دبَّ في الفئة مؤخرا ارتفعت أصوات مطالبة بوقف هذا الزيف الذي يقال في حق القوم، مطالبة بإنصافهم ورد الاعتبار لهم لما لحق بهم من أذى نفسي كبير، وهو ما حدا بالبعض أن يستنكر هذا الحراك، وبالبعض الآخر أن يؤازره، وبآخرين طرح التساؤل: ماذا يريد هؤلاء؟!!
لقد أدركت هذه الفئة مؤخرا أنه يجب أن يتوقف سوء القول الذي يسامون به بهتانا وزوراً، وآلَتْ على نفسها أن لا تتوقف عن المطالبة بحقوقها حتى تنالها كاملة غير منقوصة:
* وضع حد لهذا الزيف المتواصل والذي يعاني منه أبناء هذه الفئة حتى لا يقضى على طموحهم وتطلعاتهم كالأجيال السابقة التي عانت من هذا الظلم المستمر، وذاك ما يحتم على الدولة الموريتانية أن تمعن النظر جيدا فيما يترتب على هذا التجاهل المستمر منذ عشرات السنين، وتسعى لتجنيد منابرها بهدف القضاء على هذه الخرافات، والسعي لترسيخ الوعي بين فئات المجتمع، وتجسيد تعاليم الدين المساواتية بحيث لا تظل مجرد شعارات تلوكها الألسن ولا تعتقد بها القلوب.
* السعي في القضاء على الخرافات التي تعشعش في أذهان المجتمع من خلال منابر الجمعة وحلقات الدعوة وصالونات الفكر بتسمية الأشياء بمسمياتها، ومحو تلك الخرافات من ذاكرته التاريخية الموثقة في بعض متونه التي لم تراع أخلاقاً ولا حرمةً في تطرقها لمثل تلك الخرافات التي تمجّها الدهماء. والبدء في كتابة تاريخ ينصف القوم ويعطيهم حقهم من الذكر والإنصاف لإسهامهم في كل ما أنجز على هذه الأرض.
* العمل على إعطاء رموز هذه الفئة من مفكرين وعلماء وفقهاء وأئمة ودعاة وكوادر في شتى الميادين إعطاءهم حقهم من الذكر والاعتبار على غرار غيرهم ممن يتمتعون بهذه المزايا بكل أريحية وسهولة - وهم كثر تشهد لهم الساحة العالمية بإنجازات لم يعرفوا في وطنهم لها سبيلا، فمعروف أن محمد بن علي الشنقيطي مفسر القرآن الكريم والداعية في الديار المقدسة، ومحمد المختار ولد امحيمدات ناظم مختصر خليل بن إسحاق وشارحه في أربعة مجلدات وعضو لجنة الفتوى في الإمارات العربية المتحدة، والدكتور محمد ولد عبدي قامة الأدب والنقد السامقة عالميا، وآخرين مضوا رحمهم الله كالعالم والدكتور محمد ولد ماديك محقق كتاب الكافي لابن عبد البر، رموز من هذه الفئة وأمثلة على إقصاء القوم الممنهج ومنعهم من حقهم المعنوي بحيث يتمتعون به كسائر أبناء هذا الوطن - وذاك ما ينبغي على الإعلام العمومي أن يعيد النظر فيه بفتح منابره لأعلام هذه الشريحة ليبثوا فكرهم وليساهموا في تنوير العقول والقضاء على مظاهر الطبقية التي نرزح فيها متخلفين.
* تكريم أجدادنا لما قدموه من خدمة لهذا البلد في شتى الميادين؛ بما أهدوه للعالم في زاويته من أدوات العليم، وما أمدوا به المقاتل في الجبهات، وما وفروه من وسائل العيش والترحال للخيمة البدوية في سعيها لحثيث وراء الكلأ.
* منح العباقرة المبتكرين من هذه الفئة حقهم المعنوي والمادي المستحَق، وحماية حقوقهم الفكرية، والاهتمام بهم كعقول يعول عليها في الإسهام في بناء هذه الدولة في شتى ميادينها بابتكارات تساعدها في التقدم. والحيلولة بين ما يقومون به وبين السماسرة اللصوص الذين يمصون دماء هؤلاء بسرقة إنجازاتهم وابتكاراتهم الفذة وبيعها لجهات خارجية ويحصدون من ورائها أموالا طائلة.
تمكين الصناع التقليديين من هذه الفئة بتسيير شؤونهم بأنفسهم في إطار مستقل بلا وصاية من غير أهل التخصص، إذ كثيرا ما كانت الدولة وفية لسياسات التهميش التي تجعل منهم تبعية.
كل هذه حقوق مشروعة لأي مواطن كان في هذه الدولة - والتي حرمت منها هذه الفئة طوال عقود مضت – وعلى الدولة السعي في تدارك التقصير في حقها بتحقيق هذه المطالب إنصافا ورداً للاعتبار، وتكريسا للندية والمساواة، وتعضيدا للوحدة الوطنية بين فئات هذا الشعب.

0 التعليقات:

إرسال تعليق