الأحد، 12 يناير 2014

همسة في أذن المجتمع الحبيب

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وآله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد فإن ما يقع على شريحة "لمعلمين"من الحيف والتبخيس والإهانة والتهميش والتهكم والتنقيص من طرف شراذم فى المجتمع الموريتاني ألسنتها بذيئة وقلوبها رديئة وأنفسها عليلة و{كُلُّ نَفْسٍ بِمَاكَسَبَتْ رَهِينَةٌ} تشكل ذلك على ألوان مختلفة من الأذى النفسي والقتل المعنوي لهذه الشريحة عملت على توريثه للأجيال طوائفُ يضمر الواحدُ منهم من الحقد على بنى جِلْدته من (لمعلمين) ما لوانعكس عليه لأهلكه -وقد يقع ذلك أحيانا- فهو كالباحِثِ عنْ حتْفِهِ بظِلْفِه والجادعِ مارِنَ أنْفِهِ بكفّهِ ، عبادَ الله! فو الذي نفسي بيده (لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) وأريد هنا أن أهمس همسةً فى أُذُن من يريد الحق لا الجدال أن نتوازنُ في المَقالِ وزْنَ المِثْقال ونَتحاذَى في الفِعالِ حذْوَ النّعال فلا يظلم بعضنا بعضا (ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ) توقفون السيل الجارف من الظلم فنوقف السَّـد الصارف للجُرْم، ثم لابد من كشف اللثام وإزاحة الرُكام عن ما استبيح من كرامة هذه الشريحة وما تم من ازدراء واحتقار لهم فلم يعد أحدٌ منهم يتحمل المساس بكرامته وقد بدأ تنامي الإحساس بهذه المظالم يظهر للناس وأنه لا بد من نفض الغبار وهتك الأستار عن هذا السيل الجرَّار المتدفق على أبناءِ شريحةٍ أخيار تفكَّه الناس في أعراضهم منذ عقود خلت و تواصوا على إهانتهم ولعبوا على تهميشهم ليل نهار ونباحِثُ في هذا الأمر كلّ مَنْ جَلّ وقَلّ، ونسْتَسْقي الوَبْلَ والطّلّ  لا من تعلَّلُ بعَسى ولَعلّ وقوفاً مع الحق ومجانبةً للباطل لأن الحق يُنجي والباطل يُردي، والحقُّ أحَقُّ أنْ يُتّبَعَ، ولَلصِّدْقُ حَقيقٌ بأنْ يُستَمَع والغرض عندنا منه الصيانة لا الإهانة والإدالة لا الإذالة.
لقد ظل هذا المكر والظلم يُعشعش فى أذهان المجتمع على مر العقود الماضية و لا يكادُ فردٌ من شريحة "لمعلمين" في منطقة من مناطق هذا البلد العزيز يخلُصُ عنْ غُمْرٍ جاهِلٍ أو ذي غِمْرٍ متَجاهِلٍ  يبغى لهم العنَتَ وهم برءاءُ ، وبات القوم على اختلاف مشاربهم على هذا المكر والبغي متواصين -بدل من أن يتواصوا بالحق ويتواصوا بالصبر- فتتابعوا على الازدراء بالأعين والاستصغار بالقلوب والألسن، وترى الأبناء يتلقون عن الآباء تلك القصص الموجهة والحكايات الممنهجة – وقد لا يتعلمون غيرها - ويعمل الجميع على ترويجها بغياً وتوطيداً مكراً فتسمع من يقول"لا خير في الحداد ولو كان عالما"، ومن يقول "شهادة القين ترد أبدا * والمقتدي به يعيد أبدا" ، وأنه لا تجوز الصلاة خلف "لمعلم" حتى ولو توفرت فيه الشروط اللازمة لذلك كمسلم، وأن هذه الشريحة مستثناةٌ من مصرفي الزكاة - تحكم في النص من غير بينة ولا برهان - ويمنعونهم من الزواج ممن يساوونه في الدين فهم مسلمون مثلهم وممن يساوونه في العرق أيضا فأسر هذه الشريحة لا تخرج عن أصول المجتمع نفسه وجرثومته الصنهاجية (البربرية) أو العربية (بني حسان) أو السودانية (الزنجية) إذ لا يخرج من في موريتانيا عن ذلك فهم لم يخرجوا من باطن الأرض ولم يسقطوا من السماء ولا نعلم في البشر من خرج إلا من آدم وحواء ومن كان عنده علمٌ ينفى هذا فليخرجه لنا {إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلا تَخْرُصُونَ} بل تسمع من يقول أنهم ليسوا من طينة البشر فهم "أبناء عم الشجرة" أو من "روثة حمار" و{مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} وأيضا يُلصقون بالواحد من هذه الشريحة الجبن(الذله) ومحبة الطعام(السلعه) ويدعون لهم خصوصية "الرأس من الشاة"  و"الكِرْكِرَة من الإبل" و"الرِجْل من الوحش" وهكذا قولهم أن(لمْعلمين) بطبعهم فيهم خفة وتسرع وعجلة ومن خصوصياتهم تقديم الرجل اليسرى أو أن أصلهم يهودٌ فإن كان المقصودُ اليهوديةَ -كنسب- فإنهم إذا من سلالة يعقوب بن إسحاق بن ابراهيم عليهم السلام أو المقصودُ اليهوديةَ -كديانة- فأبناء هذه الشريحة مسلمون، لكن الحقد يُعمى البصيرة ويُردى في  الحظيرة وكذلك من ألوان البهت أن أباهم هو الذي كسر سن النبي صلى الله عليه وسلم مع أن الذي كسر رباعيته اليمنى السفلى صلى الله عليه وسلم  -بأبي هو وأمي- وجرح شفته السفلى هو عتبة بن أبى وقاص الزهري ومات كافرا ولم يعقب وعلى فرض ذلك  - ولا يستقيم الظل والعود أعوج - فمعنى هذا بزعمهم أن هذه الشريحة قريشية أزهرية، وهكذا قولهم أن أباهم صنع سيفَ بنِ ملجم الذي ضرب به عليا رضي الله عنه فهيهات مقتل علي من هذه الأرض! ثم كيف عرفتم صانع السيف؟ وأين؟ وأيّان؟ وتجد أسرة تُعيَّر لأن عندها جدا قد أرضعته مرضع من شريحة "لمعلمين" أليس إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم قد أرضعته أم سيف زوجة أبي سيف البراء بن أوس الأنصاري؟ وكان قيناً أيام النبي صلى الله عليه وسلم كما أخرج مسلم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي:"إبراهيم" ) ثم دفعه إلى أم سيف امرأةِ قيـن ٍ يقال له أبوسيف فانطلق يأتيه وأتبعته فانتهينا إلى أبي سيف وهو ينفخ في كِيـرِه وقد امتلأ البيت دخانا فأسرعت المشي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا أباسيف! أمسكْ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمسك فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بالصبي فضمه إليه وقال ما شاء الله أن يقول.. الحديث، وهكذا أيضا مما يندى له الجبين أنك ترى بعض المحاظر يستهزأ بالطلاب من أبناء هذه الشريحة (لمعلمين) بكل أنواع الاستهزاء فتارة يقال عن أحدهم "ما اعْلِيه عار يتعلم" وتارة أخرى "غير مكلف شرعا" ويكرر هذا على مسامعهم أمام شيخ المحظرة وهو يتلذذ به ويباركه!! إلى غير ذلك من الأشياء الساقطة التي لا أستبعد أن يكون منشأُ تلك الحكايات هي أحاجي فقط للأمهاتِ الهدفُ عندهن من وراء الأحجية في الأصل هو إطالة العتمة حتى لا ينام الأطفال عن العَشاء (التِّحْلاب) ثم بعد ذلك تم توجيهها لأغراض دفينة معلومة! وعلى العموم فهي لا تعدو كونهَا ترهاتٍ يستحى المرء من حكايتها فضلا عن الرد عليها ،عَمِل جيلٌ من مرضى النفوس على توريثها للمستقبل وقد نجحوا في ذلك المكر السيئ {ولا يَحيقُ المكرُ السَّيئُ إلا بأهلِه} نعم إنها متاهات عديدة -يعمل البعض على إذكائها وإبقائها- أكثر من أن تحصر وبعضها أشهر من أن يذكر، وقد مضى منها ما فيه كفايةٌ ولو ذهبتُ إلى تطويله لم يكن لآخره نهايةٌ..! وما ذكرته بعضٌ مما يطفو من القوم على السطح وتلوكه ألسنتهم بالشطح {وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} ونحن لم نفضح هذه الممارسات حبا في التشفي منكم ولا الانتقام وإنما لتعريتها للأنام حتى يتضح زيف ما روجتم وتهافت ما لاكته ألسنتكم، فإن اقتنعتم وانتهيتم عن الظلم والغي انتهينا {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا} وأيضا ليرى القاصي والداني أن ببلدنا - ويا لَلأسف- نسخةً جديدةً من الجاهلية الأولى، فأين يا تُرَى أهل العلم والإصلاح؟ ألا يوجد رجلٌ رشيدٌ يقول كلمةَ حقٍ يُثْنَـى إليها عنانُ الثناء وتَصِفُ لأولى النُّهى حسنَ العهد على التناء وتستنهض أهل الرشاد للبذل والعطاء في الأطراف والآناء؟
وداع ٍدعا هل من يجيب إلى النـدى ** فلم يستجبْهُ عندذاك مجيبُ!
فقلت ادع أخرى وارفع الصوت دعوة ** لعلَّ أبا المغوار منك قريب ُ
إن كشف اللثام عن تلك الخرافات وتعريتَها مسؤلية الجميع وليست مسؤليتنا نحن "لمعلمين" وحدنا بل على المصلحين و أهل العلم كذلك والدعاة {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ} أن يبينوا الحق ويمُسِّكوا الناس به كما على الجميع التواصي بذلك بدل مواصلة الصمت والتغطية على مثل هذا الظلم والذي -مع الأسف باسم الدين- كُرس ،
وإن أولى البرايـا أن تواسـيه ... عند المسرة من واساك بالحـزن
إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا ... من كان يألفهم في المنزل الخشن
ومما يزيد الطينة بِلة أن يكون شيوخ بعض المحاظر هم من يعمل جاهدا على تكريِس هذه الأكاذيب فيريدون لهذه الشريحة أن تظل في الحضيض وأْداً لِتَطَلُّـعاتهم وقتلاً لهم في المهد حتى لا ينافسوا في مضمار تحصيل العلم وحتى يظلوا حبيسي الجهل والتبعية وهيهات فإن فيهم من الحفاظ والفقهاء واللغويين والشعراء من هو معروف! ولله الحمد ولكن المؤسف حقيقة أن الأئمة وشيوخ المحاظر -في بعض الحالات-  هم أكثر من يكرس هذه الجاهلية ويعمل على توريثها للأجيال، و يتركون الحبل على الغارب للطلبة في تعذيب أقرانهم بسوء القول توطيدا للأذى النفسي لهم ثم أيُّ عيب في العمل والصناعة والحدادة والنجارة؟ وهذا داود عليه السلام كان يعمل الحديد كما قال جل وعلا :{وَأَلَنَّا لَهُ الحديد أَنِ اعمل سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} ، فقد أمره الله تعالى بالعمل (أن اعمل) وقال: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ} فعلَّمه الصناعة وقال تعالى: {وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا} فقد تكرر ذكر العمل هنا (من يعمل)-(يعملون له)-(اعملوا آل داوود) وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده) كما في صحيح البخاري، ألم يعلم أولئك المرضى المستكبرون الذين يستخفّون بشريحة "لمعلمين" أن نوحا عليه السلام كان "يصنع" كما قال تعالى: {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ} وهي سفينة ذات ألواح ودسر يعني أنها من أخشاب ومسامير، الشيء الذي يستلزم النجارة والحدادة وقد أمره الله سبحانه وتعالى بذلك: {فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أن اصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا} فصنع عليه السلام الفلك وأتقنها ، تُـرى! كيف يكون مجردُ الصنع والإتقان محلَ ازدراءٍ؟ أليس الكونُ كله من صنع الله عز وجل {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ} وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله يصنع كل صانع وصنعته إن الله خلق صانع الخزَم وصنعته) عند البيهقي في "الأسماء والصفات" وابن أبى عاصم في "السنة" بسند صحيح والخَـزَم: بالتحريك شجر يتخذ من لحائه الحبال ، وهل بلغ علمَ هؤلاء أن زكرياء عليه السلام كان يعمل في النجارة كما في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قَال: (كَانَ زَكَرِيَّاءُ نَجَّارًا) ، وهل دار ِبخَلدهم أن في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من كان يعمل ذلك؟ كما في صحيح مسلم من قصة أبى سيف البراء بن أوس الأنصاري آنفا أنه كان قيناً أيام النبي صلى الله عليه وسلم وأيضا في سنن الترمذي ومستدرك الحاكم بإسناد جيد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان أخوان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فكان أحدهما يحضر حديث النبي صلى الله عليه وسلم ومجلسه و الآخر يحترف فشكا المحترف أخاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يارسول الله إن هذا أخي لا يعينني بشيء فقال صلى الله عليه وسلم لعلك ترزق به) وهذا كما قال صلى الله عليه وسلم: (فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم) عند أبى داوود والترمذي والنسائي بسند صحيح، أليس بنو النجار أخوالَ النبي صلى الله عليه وسلم وكان جدهم يعمل في النجارة فلقب بذلك؟ ، ألم يكن خباب بن الأرت التميميُّ قيناً يعمل السيوف في الجاهلية؟ ، أولم يتصفحوا كتبَ التاريخ فينظروا أخبارَ أُسَـر الحدادين والنجارين من آل البيت والقبائل العربية الأخرى الكثيرة التي كانت تمارس الحدادة وما زالت إلى يومنا هذا في شبه الجزيرة العربية والأردن وسوريا وغيرهم؟ فأخبارهم في بطون الكتب مشهورة معروفة، ثم ماذا لو عمل الصناعة هنا في هذا المجتمع بعض الشرائح الأخرى غير "لمعلمين" أيَنْسحب عليهم نفس الاسم واللقب والصفة والتمييز؟ أم أن الحال ليس -على غير لمعلمين- منصوبا؟ والمفعول ليس مطلقا؟ وإنما المفعول فى "لمعلمين" وبهم ومعهم يدور.
لقد أسمعت لو ناديت حيـا ** ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو نارا نفخت بها أضاءت ** ولكن أنت تنفخ في رماد
والحقُ -والحقَّ أقول- أن كلَّ ما يساق من تلك الترهات الباطلة و القصص المائلة والحكايات السافلة عن دونية هذه الشريحة لا حقيقة له لا من الناحية الشرعية ولا التاريخية ولا الاجتماعية ولا حتى الثقافية ، ولا ينشره إلا من يريد أن يُغطي على عُجَرِهُ وبُجَرِهُ فهو يخشى أن تنكشف خباياه و أحقاده، إن هذه الفوارق التي زخرفها الشيطان في نفوس القوم {شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} إنما هي أوهامٌ أو هي من بيت العنكبوت {وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} وليست حقيقة تلك الفوارق إلا مزنة صيف أو خيال طيف فهي زائفة وباطلة شرعا لقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلقنَاكُمْ مِنْ ذكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقبَائِلَ لِتعَارَفُوا إِنَّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أتْقاكُمْ} ، وقوله صلى الله عليه وسلم: (أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم عُبِّيــة الجاهلية، الناس رجلان: برٌ تقيٌ كريمٌ على ربه وفاجرٌ شقيٌ هينٌ على ربه) ، فماذا يمكن لهذا المجتمع العصبي الجاهلي أن يقنعنا به بعْدُ من طينةٍ وأفضليةٍ أحسن وأصدق مما جاء في الوحي كتابا وسنةً؟ ثم إنّه باطل تاريخيا لأن الذين أوتوا بسطة من العلم في التاريخ، والذين كتبوا عن التاريخ بموضوعية ولم تأخذهم في الحقّ لومة لائم - لا الذين قلبوا القَوْس رَكْوة وحادوا عن البُرجاس غَلْوة - ، أكّدوا مجتمعين على أنّ هذه الشريحة من الطينة نفسها التي تنتمي إليها سائر مجموعات هذا البلد، يقول د/حماه الله السالم في "تاريخ موريتانيا العناصر الأساسية" :(الصناع "المعلمون" فئة تمتهن الحدادة ولا ترجع إلى أصل واحد فمنها العربي والصنهاجي والسوداني..)/انتهى ، قلت قوله (فمنها العربي) هو الأكثر وبعضهم أصله من صنهاجة (البربر) كما ذكر وبعضهم أيضا من الزنوج (السودان) ، وهكذا ما يُدَّعى من فوارق باطل اجتماعيا فالعادات والتقاليد هي نفسها عادات القوم وتقاليدهم وكذلك القيام بصناعة الخواتم والأساور والقلائد والهودج واللجام والرحل والفأس واللوح والدواة والمِدَقَّة والمهراس والقِـرَب والأوطاب والمِرْوَب والشَّكْوة والعُكَّة و المِحْلب والأبواب والنوافذ... نعم يمارس هذه الصناعات "لمعلمين" ولكن أيضا يوجد من يمارسها -أو يمارس بعضها على الأقل- من الشرائح الأخرى ، وباطل ثقافيا لأن كلّ ما ألصق بهذه الشريحة من الأوصاف السيّئة من خلال تلك الحكايات المكذوبة كالجبن ومحبة الطعام .. يوجد مثله بل أكثر في الشرائح الأخرى ،والذكاء والعلم والشجاعة وغيرهم موجود عند الجميع كما يوجد الغباء والجهل والجبن والهلع أيضا، فهي أوصاف عامة لا موطن لها كما ذكرنا قد توجد في البعض من المنتسبين لهذه الشريحة ما في ذلك شك ولكنّها بالتأكيد موجودة عند كلّ الشرائح الأخرى ولو أجريت إحصائية دقيقة لتبين للقارئ الكريم أين ترتفع النسبة وأين تنخفض، فبهذا وذاك وذالك يتبين للجميع ذوبان هذه الفوارق جملة وتفصيلا و أنها {كَسَرَابٍ بِقِيعَة يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًاٍ} واتضح عدمُ وجودِ أيِّ مبرر ٍلما يُدَّعى من دونيةٍ لهذه الشريحة عن الشرائح الأخرى وفي هذا القدر كفايةٌ لمن اكتفى وبيان لمن تبيّن واقتفى، فهل بقي لمن فيه جاهلية وعصبية حَيَادٌ أو لَيَادٌ وهل غادر الشرْعُ الحكيمُ عِلَّةً في الأمة لم يهتدوا لها إلى شفاء أو غُلَّةً أهلها عطشى أو سبيلا أصحابه على غير هدى إلا و أشفى فيها العليلَ وأروى الغليلَ وأنار السبيلَ؟ بلى، لقد بلَّغ صلى الله عليه وسلم الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فكشف الله به الغُّمَّة و تَركَنا صلى الله عليه وسلم على البيضاء ليلُها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالكٌ فجزاه الله خيرا عن أمته وصلى الله عليه وعلى أله وصحبه ومن اقتفى أثره إلى يوم الدين.
كتبه أبو عبد القادر حمنين بن الطالب ابراهيم.
https://www.facebook.com/hamenine197

0 التعليقات:

إرسال تعليق