![]() |
الكاتب عبد الله ولد آلويمين |
لامفر.. فغذابات القرون الخوالي توخز كوخز المشتل في الأكباد " لِلَمْعَلْمِينْ" من جراء ردمهم في حفر إضطهاد المجتمع، وتعاقب الأجيال تحمل تمييزهم وعنصرتهم لتصب مآسي على مأساتهم بلا شفقة عليهم ولا إنصاف من آثام إفتراءات الزوايا تملأ حوافر الأزمنة عليهم ظلما ولؤما وتصب فوقهم طلاسم لعنة معقدة أيما تعقيد، وتشتت أجيالهم مشردي الكرامة على أديم موطنهم، لتنيخ بقاماتهم السامقة تحت وطأة الذل هوانا وهم الأعزة، ستحدث عن نفسها منتفضة من غورها الآسن كما تنسل ورقة التوت من غصنها متحررة تجرفها الرياح المرسلة وتُرنحها كأنما تُراقصها نحو الحرية كما تريد، وكما تطير اليأفوفة مشرقة يغطيها ندى الزهر تعانق أنوار الشمس الذهبيبة تضيئ الكون بعد عتمة ليل مستبد.. فلا مناص إذا.. فتراث الإحتقار والإفتراء الذي جمعته قربة القرون العفنة وحفظته عقول الناس من قطان هذا الربع، سيقيض له الله من يدلقه للبشرية على أديم الحقيقة ليكون شاهدا على أطول حالة تمييز عنصرية في تاريخ الإنسانية ضد "لَمْعَلْمِينْ" بما اختزلته من صنوف ظلمٍ، عذب الأفئدة وأهان الأرواح طويلا، وكان لعنة طاردت هذه الشريحة ولحقت أجيالها وأحفادها، لا يفلهم منها تحضرهم ولا خلقهم الرفيع، ولا سلميتهم ولا ثقافتهم، ولا علمهم الغزير، ولا قيم الإسلام الذي يجمعهم بالناس، فأي صنف من المسلمين هو هذا الذي اقترف في حق "لَمْعَلْمِينْ" ما اقترف من الظلم والتجني، وأي وصف لغوي يستوفي التعبير عنهم بما يثلج الصدر ويقدم للعالمين صورِ هذا الواقع المؤلم كاملة.. لا يوجد أي تعبير ولا أي وصف لغوي يمكن أن يستوفي المعانات حقها.. معانات "لَمْعَلْمِينْ" والذل الظلم الذين حاقا بهم خلال خمسة قرون من الدهر متحولا إلى لعنة شنيعة، سوى "حسبهم الله ونعم الوكيل"
الزوايا جمع زاوية، والزاوية هي الركن الجانبي من الشكل المربع قد تكون قائمة حادة 90 درجة مثل زاوية الغرفة أو منفرجة 60 درجة كزاوية السياج المعوج، واصطلاحا هي كلمة أطلقت على فئة من أشباه البشر ما قبل القرن الخامس عشر ويقابلها في اللهجة الحسانية كلمة (الطلبة) بفتح الطاء وتسكين اللام وتعني أططلاحا في اللهجة المحلية التسول، وترمز في القاموس المجتمعي إلى الجبن والخنوع والتذلل والرياء في الفعل والعمل..
ومفهوم الإنزواء في طب النفس مرض عضال خطير خطر إفلات المجنون من عقاله بين الناس، والمنزوي بطبعه في علم النفس يقوده مرضه إلى الشذوذ في التفكير والفعل ما قد ينعكس على نفسه جسديا وعلى غيره معنويا.
لذالك ما تنقضي فترة من الدهر الشقي بهذا الربع إلا فاجئنا من هذه الفئة شخص يرمينا بالسوء والجهل ويهضمنا حق المسلم على المسلم في أن يكف عنه لسانه إن لم يستطع قول خير فيه، مع أن الإنسان من حيث هو، أبيض أو اسود أو بيظاني عربي بين قوسين، كرمه الله عز وجل واسجد له ملائكته البررة الكرام، وأخلفه في أرضه يضرب مناكبها سعيا في الرزق وحصدا للثواب والأجر، عليه أن يسبر أغوار المعرفة بما يقرب عقله من بارئه ليهتدي إلى دروب تقواه، ولما كان هذا هو الإنسان اختلفت طباعه وعاداته وتقاليده من مكان لآخر، وزمان لزمان.. كفر بربه في ازمنة وأوطان حتى ملأ كفره حواشي الأرض، وشيد به إمبراطوريات عظيمة طواها الله طيا وجعلها موعظة للناس وأسعف العالمين بعدها بنور الإسلام، دينا بينا نيرا يشع بالعدل والإحسان وبالمساواة، لا ريب فيه ولا يأتيه الباطل ولا شية فيه، أول ما أقر وأمر به الثقلين على شتى أصنافهم.. ملوكا ومحكومين وسادة وعبيد وضعاف وأقوياء ومردة وأبالسة، إحقاق العدل وتجنب الظلم والتزين بالأخلاق التي هي قلادة الأمم وزينتها عبر العصور وثرياها البراقة في حلكة العادات ودجى الضلال وعتمة التقاليد البغيضة التافهة المفترات على الإسلام (وما أبعد الزوايا لصوص الإنسانية وخطاف الضمير الجمعي من هذه الخصال).. فهم اليوم مدعوا المهدية والنبوة.. ومنهم صدح الزنادقة بالإلحاد، ولوث جهلائهم الجهاد، ومشعوذوهم باسم الولاء لله سنة المصطفى الطاهرة ذات المحجة البضاء.. منهم ظهر الإنتحاريون والإرهابيون فقطعوا الطريق، وقتلوا النفس يغير حق.. وخرج منهم كعفاريت الجن من قماقمها لصوص ينهبون المال العالم وزكاة مسلمي الخليج..
منهم ظهرت طباع غيرت أخلاق مجتمع بأكمله وقدموا المصحف الشريف للرئيس معاوية ذات كرنفال سخيف باسم هدية متواضعة، وسوقوا للمجتمع قبائح الأفعال فضائل.. ورغم كل ذالك يلقون بحجاب على العالمين ليبقى لَمْعَلَّمْ في عيونهم لاخير فيه ولو كان عالما ومن أصل يهودي ويمثل كل سواقط الأفعال في صورة تعكس حقيقة اختلاف الألوان بأعينهم عجيبة، لا ينتبهون بعدها لفسقهم كأنما تحجبها ظلال لعنة مسلطة على لَمْعَلْمِينْ مستحيلة الإبطال والحل كما تصفد سلاسل جهنم جهنم، ويبلط الجرجير قيعانها..
وقد بلغت بهم العنصرية ان باتوا ينكرون علي "لَمْعَلْمِينْ" التململ من هذا الوضع المزري غير الإنساني الذي يرزحون تحته، بأن يحدث أحدهم والذين في حزبهم نافيا أية معانات للَمْعَلْمِينْ ساخرا من صراخهم وآلامهم، بل يقول "حتى لَمْعَلْمِينْ أيضا يريدون أن يخرجوا من الطوق" وكأن لسان حالهم يحدث بأن موريتانيا وما عليها ملك ايمانهم ببشرها ودوابها متوهمين أنها بلدهم وحدهم، بينما هم سبب شقائه وتخلفه، لأنهم أشبه بالذئب الذي يتبول على جذع بمكان مقفر ويصدق أنه ببوله النتن الذي تلوث رائحته الهواء صار يملك تلك البقعة ونواحيها. وهذا ما وجب منه الدفاع عن العرض حتى نسجل للأجيال اللاحقة من لَمْعَلْمِينْ أننا لم نسكت يوما عن استنكار المعاناة ومقاومة المذنبين، لأن الدفاع عن النفس مشروع، والذب عن العرض مفروض، والصدح بالحق ولو كان يقع في النفس موقع السيف من الوِدَّاج هو مقبض الدين وسنام كل أديان الله عبر التاريخ.
وللزوايا مع لمعلمين قصة عبر السنين تختلف عن باقي القصص.. قصة سومها الحقد والحسد والظلم والتقول على رسول الله بالزور والكذب والتضليل الذي عم أمة بأكملها، غرس هؤلاء في عقولهم وصوروا لهم عن لَمْعَلْمِينْ من التصوير المرعب ما تنيء تحته الأنفس وجعا وترج له السموات رجا، حتى صار مع الزمن سحر أو لعنة معقدة الرموز أحيتهم في مجتمعهم كما تستقر اللحمة على الجمر، فغطاهم بأوار من الكراهية كما يغطي الليل الداجي وجه الحياة بعد رحيل النهار..
هل تصورتم هذا الربع قبل خمسة قرون تنسف الرياح وغضب الطبيعة بساكنته، لما كان المجتمع كما الشعوب في العصر الحجري، حيث قدم لَمْعَلْمِينْ له الخيمة والخبطة والوسادة والدفئ والمحلاب والسرج والراحلة، ومحفظة التبغ والقدَّاح والقدَاح، دون أن يستقوا ذالك آنذاك من الغربة، ودون أن ينالوا جزاءا، بل كان إبداعا واختراعا خالصا نتاج ما من به الله عليهم من العقل والذكاء.. هل تصورتموه في تلك الحقب يزرع ويطحن حبوبه في الهاون الذي قدمه له لَمْعَلْمِينْ، وتصورتم أو تخيلتم كيف نحتوا لكم الدوات، وجدفوا القلم، وجلدوا الكتب، ورققوا الجلود لتصبح قراطيس..ههههه..
هل تصورتم هذا الربع قبل خمسة قرون تنسف الرياح وغضب الطبيعة بساكنته، لما كان المجتمع كما الشعوب في العصر الحجري، حيث قدم لَمْعَلْمِينْ له الخيمة والخبطة والوسادة والدفئ والمحلاب والسرج والراحلة، ومحفظة التبغ والقدَّاح والقدَاح، دون أن يستقوا ذالك آنذاك من الغربة، ودون أن ينالوا جزاءا، بل كان إبداعا واختراعا خالصا نتاج ما من به الله عليهم من العقل والذكاء.. هل تصورتموه في تلك الحقب يزرع ويطحن حبوبه في الهاون الذي قدمه له لَمْعَلْمِينْ، وتصورتم أو تخيلتم كيف نحتوا لكم الدوات، وجدفوا القلم، وجلدوا الكتب، ورققوا الجلود لتصبح قراطيس..ههههه..
تلك القراطيس التي سيوظفها الزوايا فيما بعد لما انزوو بدعوى التفرد للعلم يسطرون بها الأكاذيب السوداء والإفتراءات البغيضة على لَمْعَلْمِينْ الذين تكرموا بها لهم _(يالسخرية القدر)_ وكأنما أرادوا أن يقتلوا فيهم روح التطلع بما حباهم الله به من الذكاء والهمة فلا يخرج منهم عالما ينافسهم في دين الله مستقيما على سنته مبتعدا عن الخزعبلات الكهنوتية التي جذروها ولوثوا بها السنة الطاهرة نتاج تحريفهم فيما بعد لضوابط الإسلام وعقيدته، فكانت كتاباتهم كبول الذئب على الجذع، تنفر منهم الناس، حتى أن الشخص ليقسم أنهم اضطلعوا على (بروتوكولات بني صهيون) فما كانت أساليبهم حينذاك إلا كأساليب اليهود للسيطرة على العالم في أيام مناحيم وايزمن.
هل كان أسلاف الزوايا حقا مسلمين؟.. ألا يرسخ في ذهنك اليوم سيدي القارئ أن رسول الله قال لا خير في الحداد ولو كان عالما؟.. وأن المعلمين من أصل يهودي. وأن لمعلم لا يؤم.. وأنه ليس اهلا للكفاف.. وإن أحد الكتاب يقول إن أصلهم روثة حمار.. ذالك ما دونوه ورسخوه في عقل المجتمع عن لَمْعَلْمِينْ فهل هذه افعال مسلمين يؤمنون بالله واليوم الآخر؟.. كيف لمجتمع أن يقبل هذه المؤامرة على من أحياه ومدّنه. وحفظه وحضّره. وجعله خلقا جديد؟ بعدما كان يرزح تحت نير الجهل والظلمات عاجز عن نحت لوح يسطر فيه الحمد لله رب العالمين؟.. هل يمكن أن تتآمر أمة على جزء منها وشريحة بهذه الطريقة كما تتآمر التماسيح على صغارها في مواسم التزاوج؟.. وكيف صار العقل الجمعوي الموريتاني مع الوقت أعمى إلى درجة لا يصير للخير فيه معيار يميز به بين الخبيث والطيب، واختلطت عليه معاني السمو مع مفاهيم الخرافات فانتج عبر التاريخ جيلا نشازا عن الإنسانية ضاعت منه القيم ولم بعد يميز بين الفضيلة ولخطيئة؟..
هل تصورتم جحافل الخيل الحسان تصارع حر الشمس في معارك لقويشيش ووديان الخروب وأم التونسي فوق صهواتها الرجال، يقاتلون الفرنسيين ليدحروهم شر هزيمة؟.. ألم تتساءلوا إن كنتم تصورتموهم يوما واهتززتم طربا وأنتم تتخيلوا في حلم يقظة دخان البارود وزغردة الغيد ودندنة الطبول، كيف هزم البداة روافد الحضارة أولئك؟.. الم يأخذكم الفضول حول أسلحتهم؟.. حول الفردي والكشام .. الأسلحة التي صنعها لهم لَمْعَلْمِينْ، أهذا من الإنصاف وقيم العدل؟.. كيف يمكن أن لا يحضر في سفر التاريخ مقاوما واحدا من لمعلمين؟.. كيف تظنون أن عاقل سيصدق أن الفضول لم يحدوا يوما بصانع الفردي ليجربه في جبهة عدو، إلا إذا كان تاريخ هذه الأرض مزيف ومزور وترهات من الأكاذيب، تماما مثلما هي الإفتراءات على لمعلمين ؟.. هل الإنصاف والعدل أن ينساق المثقفون اليوم من حملة الدكتوراه والماجستير ممن هذبتهم الحضارة الغربية التي وفدوا منها، خلف فئة من المتخلفون عن قيم الدين الإسلامي ويباركون لعنتهم للمعلمين ضاربين عرض الحائط بالفكر المتنور الذي تلقوه وكأن عقولهم عقول ديَّكة لا تتسع لحفظ واحد كيلوبايت من الثقافة؟.. ويدافعون باستماتة عن هذه الطبقية الجائرة الحاقدة؟.. ألايكفى هذا كله لِلَمْعَلْمِينْ لأن يهاجروا من هذه الأرض الظالم اهلها، أو يثوروا كما تثور البراكين في سبيل الكرامة، أو حتى ينتحروا دفعة واحدة فيرتاحوا قبل ان تتغير خارطة السلم الأهلي ويصبحون أرقاء المستقبل في هذا البلد الميؤوس منه؟..
وهل يمكن أن يقود التأمل يوم الثامن والعشرين نوفمبر الفان وثلاثة عشر موريتانيٌ واحدٌ ليفكر في ماساة "لَمعلمين" ويستحضر تلك القرون الخوالي التي حملوا فيها أجداده من ضنك الحياة إلى شط الرغد، ودحروا عدوا نزل بمرابعهم ذات يوم بائس يفرض الإتاوات عليهم ويتخذ من المسلمات مكرهات وراضيات أخدان، يورثهن الأفرياء، فيقف ولو في بيت مغلق عليه بينما ينضج (الأطاجين) في يوم عطلته ذالك يحيي بتحية إجلال وتقدير وإنصاف لمعلمين؟.. هل سيملك الجرأة على ذالك ولو كان بعيد عن أعين الناس؟.. هل سيتساءل بشجاعة وموضوعية خالصة لله عن ذنب لَمْعَلْمِينْ الأصلي الذي شردوا بسببه من فناء الكرامة إلى قفار الذل والتمييز والإحتقار؟..
لا أظن ذالك، بل أجزم أنه لن يحصل في هذه الحياة الدنيا أبدا، وإنما ستمضى هذه الذكرى كما غيرها من الذكريات الإثنتين والخمسين السابقة يكرم ويوشح فيها رئيس البلاد الجبناء والسفلة والمفسدون واللصوص، ممن سلطوا على لَمْعَلْمِينْ لعنة معقدة العقد دون أن يتكلف المتنورون عناء استنكارها والبحث عن سبل إبطالها؟.. ليظلوا يتمرغون ويرزحون تحت سلطان الظلم في تمالئ بين المجتمع، وتعامي من المثقف والعالم والفقيه، داخل علاقة عهر وضيعة بين المذنب والنخبة، فالحمد لله الذي لم يجعل الدنيا دار خلود وجعل للعباد يوما عنده يختصمون.
0 التعليقات:
إرسال تعليق